الأستاذ عبدالفتاح المسودي كاتب و روائي من مواليد 1961بمدينة اليوسفية، فاعل جمعوي و ناشط بعدة منتديات، عضو مسير بجمعية ثراث أحمر للتنمية و الأعمال الإجتماعية..نشرت له عدة نصوص أدبية،يشتغل حاليا على إنجاز رواية تحت عنوان ( إرتواءات ظامئة)
من أعمال الأستاذ المسودي عبدالفتاح
هامش للحب في زمن الحرب /جزء من الفصل الأول من الروايةالمذكورة
- ارتواءات ظامئة -
انها الحرب ....تلك التي تأتي محملة بالدمار....انها الحرب تلك التي لا تبقي و لا تدر.....هي الحرب اذن ...ساحاتها الآن صفحات الجرائد و المجلات...طبولها أصوات المذيعين و المذيعات في الاذاعات و على قنوات الفضائيات .....هي الحرب اذن ....
وعبس ماتزال تبحث عن فارسها.....
الحروف أصبحت تخرج من صفحات الجرائد و المجلات في صور أشباح مرعبة....و أصوات المذيعين و المذيعات أضحت كزئير ضرغام شرس.....الببيت أصبح عبارة عن أشباح تتراقص من حولي بأصوات مخيفة....لم أعد أطيق المكوث ...رأسي يطن ..أذناي تزمجران....أحسست بالاختناق ..و بالخوف أيضا .
وجدت نفسي مندفعا وسط الناس في الشارع . تائها....مضطربا....أتفحص وجوه المارة ...أجد وجوه العابرين خالية من أي تعبير..خطواتهم هادئة ...عيونهم مشرعة على واجهات المتاجر تبحث عن اخر مستجدات الموضة ...
وعبس ما تزال تبحث عن فارسها....
ثقيل الخطى أسير ....أندس و سط الجموع ..أشرئب بعنقي....أتفحص في ....اللاشيئ ...تماما...عيناي ممتلئتان بالصور المرعبة ...و اذناي تزمجران ... وصوت السياب الآتي من بعيد يعلن أنها الحرب :
أكاد أسمع العراق يدخر بالرعود
ويخزن البروق في السهول و الجبال
حتى اذا مافض عنها ختمها الرجال
لم تترك الرياح من ثمود
في الواد من أثر
هي الحرب اذن .....و عبس ما تزال تبحث عن فارسها....
تائها أسير ...ثقيل الخطى أمشي ......الطريق المجهولة تكون خطواتها بطيئة .......طريقك ليست مجهولة ..أنت تعرف المدينة شارعا ...شارعا ...أو على الأقل هذا ما تدعيه الآن ....دع خطواتك تقودك حيث تشاء.....كما قادتك أول مرة ولجت فيها هذه المدينة.......كنت كما الآن متعب الفكر متعب الجسد .لفظك قطار اخر الليل و مضى يلوي على جهة تجهلها...
القطار تمدد كأفعى أسطورية في محطة تحمل اسم مقاوم عنيد.....عربات القطار لفظت من أحشائها كثير من المسافرين ...بهو المحطة ساده جو حميمي ...القبلات و التحيات تتبادل بين القادمين و االمنتظرين.....شوارع المدينة بدأت في ابتلاعهم...وجدت نفسك تجوب أطراف المحطة تبحث عن .....عن الاشئ....تماما...
لا أحد ينتظرك هنا ....لاأحد سوف يبادلك التحية و القبلات ....حتى تلك الوجوه التي نسجت معها ألفة في مقصورة القطار لفها الظلام ....كل ما حولك الآن موحش غريب ....و حدها اللوحة المعلقة على بوابة محطة القطار تحمل اسما تعرفه .....اسم مقاوم عنيد طالما تردد في قاعات الدرس .....
أنت الآن في محطة الأمير عبد القادر .....
أنت الآن في مدينة مكناس ....
فمساء الخير أيتها المفتونة بشجون ذاكرة الأطلس
أغشاك ليلا ....أنا القادم اليك من هناك ..من بعيد ....لا أحمل من متاع الدنيا الا ذاكرة مثخنة بالجراح ....
فضميني ...ضميني.....اني أ..ن...ش....ط....ر
فدثيريني ......دثيريني فجراحي غائرة ...
قالت : ادخل الى بيتي فمن دخل بيتي كان امنا
ودخلت....................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق